الوجود العثماني في العراق: مشروع حضاري، أم احتلال استعماري؟

بعد اتساع رقعة الإسلام، في عهد الخلافة العثمانية، وبعد انتشاره في القارات الثلاث، سعى الصليبيون والصهاينة أعداء الأمة الإسلامية لتفكيكها، أملًا بتدميرها والقضاء عليها؛ فعملوا بدهاء وخبث، واستخدموا ضعاف النفوس في هذه الأمة، ووظفوهم لزرع الفتنة، وإحداث الفرقة في نفوس المسلمين، وخاصة في البلاد العربية. فأشاعوا الدعوة للقومية وتعزيز مفهومها في النفوس، واستبدال أخوة الدم بأخوة الدين. وعملت الدعاية الدؤوبة على إفساد ذات البين بين العرب والترك، فعززوا مفهوم الاحتلال العثماني لبلاد العرب، ولفقوا القصص والأخبار الكاذبة عن ظلم الأتراك وجبروتهم، وتسلطهم على العرب في عقر دارهم، كما غرسوا في نفوس الأتراك فرضية خيانة العرب للدولة العثمانية، وطعنها في ظهرها أبان الحرب العالمية. ونَصَّبوا على بلاد العرب حكامًا موالين لخططهم الخبيثة، وكتبوا التاريخ المزيف بأيديهم الآثمة، وأعدوا مناهج التعليم التي نفثوا خلالها سمومهم. فطمسوا من ثقافة الأجيال كل سمات الحضارة الإنسانية التي رسختها الدولة العثمانية العلية، ومازالت آثارها باقية في بلاد العرب، شاهدة على بصمات رائعة عريقة، خلَّفها الحكم العثماني هناك؛ وعلى الأخص في العراق، في سائر مدنها ونواحيها؛ من مساجد مشيدة، ومدارس شامخة، ومكتبات عامرة، وجسور معلقة، وطرق معبدة؛ كلها تنم عن نفوس كريمة، ونوايا سليمة، امتاز بها الولاة العثمانيون في تلك البلاد؛ أبان تلك الحقبة من الزمن. لقد ازدهت مدن العراق حينئذٍ برقي حضارتها، وسبقت كل البلاد المتحضرة في زمنها. ولو قارن الباحث المنصف بين عهد الحكم العثماني للعراق، وبين الحكم البريطاني الذي احتل البلاد فيما بعد، لانكشف له الغطاء، ولظهر لكل ذي بصيرة الفرق الشاسع بين النور والظلام

The Ottoman Presence In Iraq: A civilized project or a colonial occupation

After the spread of Islam during the era of the Ottoman Caliphate, in the three continents, the Crusaders and the Zionists, the enemies of the Islamic nation, sought to dismantle it. They did so cunningly and maliciously by hiring weak souls of the nation to sow sedition; therefore, they caused division in the heart of Muslims especially in Arab countries. They spread the call for nationalism and strengthen its concept in the souls, replacing the brotherhood of blood with what they call as, “The brother hood of religion”. Moreover, the tireless propaganda worked on spoiling the relationship between the Arabs and the Turks, so they reinforced the concept of the “Ottoman Occupation” in the Arab countries, and they fabricated stories and news about the oppression and tyranny of the Turks. They also instilled in the hearts of the Turks the hypothesis that the Arabs betrayed the Ottoman Empire during the World War. They appointed rulers on the Arab countries loyal to their malicious plans, wrote false history with their sinful hands, and prepared curricula through which they breathed their poison. They eliminated all the features of human civilization from the culture of the generations that the attic Ottoman Empire had established, and its traces still remain in the Arab countries, bearing witness to the wonderful and ancient fingerprints left by the Ottoman rule there. Especially in Iraq, in all its cities and suburbs like the built mosques, lofty schools, full libraries, suspension bridges, and paved roads which reflect dignified souls and sound intentions, which were distinguished by the Ottoman governors in those countries during that era. At that time, the cities of Iraq flourished in the sophistication of their civilization and preceded all the civilized countries of their time. If the fair researcher compares the era of the Ottoman rule in Iraq and the British rule that occupied the country later, the cover will reveal to him and the vast difference between light and darkness will appear to everyone with insight.

___

  • - أوليفييه، بغداد بأقلام رحالة، ترجمة: يوسف حبي (لندن: دار الوراق2007م). خير الدين بن محمود الزركلي، الأعلام (بيروت: دار العلم للملايين 2002م). رينهارت بيتر آن دُوزِي، تكملة المعاجم العربية (بغداد: وزارة الثقافة والإعلام، الجمهورية العراقية 1979م -2000م).
  • ستيفن هيمسلي لونكريك، أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث (بيروت: الرافدين للطباعة والنشر 1949م). عباس العزاوي المحامي، موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين (بيروت: الدار العربية للموسوعات 2004م). عبد الحميد عبادة، العقد اللامع بآثار بغداد والمساجد والجوامع (بغداد: مطبعة انوار دجلة 2004م).
  • علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق (بغداد: دار الكتاب الإسلامي 2005م). علي شاكر علي، تاريخ العراق في العهد العثماني (الموصل: منشورات مكتبة ٣٠ تموز 1985م). كوك، ريجارد، بغداد مدينة السلام، ترجمة: فؤاد جميل ومصطفى جواد (بغداد: مطبعة شفيق 1967).
  • محمد فريد المحامي، تاريخ الدولة العلية العثمانية، تحقيق:إحسان حقي (بيروت: دار النفائس1401 هـ).
  • محمود شكري الآلوسي، أخبار بغداد وما جاورها من البلدان، تحقيق وتعليق: عماد عبد السلام رؤوف (بيروت: الدر العربية للموسوعات 2008م).
  • مدونة بشار الحادي في الانترنت http://bashaaralhadi.blogspot.com/2010/12/1875.html.
  • مصطفى جواد، أحمد سوسة، دليل خارطة بغداد المفصل (بغداد: المجمع العلمي العراقي 1958م).
  • ناجي معروف، عبد العزيز الدوري، موجز تاريخ الحضارة العربية (بغداد: دار الحديث، د.ت).